ملخص تحضير درس العادة والإدارة باك 2022 2023 تلخيص كامل في درس العادة والإدارة في الفلسفة
تحضير درس العادة والإدارة
بكالوريا 2022
أهلاً بكم طلاب وطالبات العلم في موقعنا لمحة معرفة يسرنا بزيارتكم أن نقدم شرح وحل درس العادة والإدارة في الفلسفة
وهو على النحو التالي
درس العادة والارادة من المقرر
وطرح الإشكالية:
إن تتبع أنشطة الحياة الإنسانية، وملاحظتها تبرز أنها تقوم بأفعال واستجابات سلوكية غاية في التعقيد تتسم بالتعدد والتنوع في طبيعتها، وفي دوافعها وأهدافها، ومن الصعب فهم هذه الظواهر السلوكية وكشف عناصرها وهي مجتمعة، لهذا عملت أبحاث علم النفس الحديث والمعاصر على تقسيمها وتمييز بعضها عن بعض بغرض فهمها.
فهناك أفعال فطرية غريزية، وأفعال العادة، وأفعال الإرادة... ومن خلال كل هذه الأفعال السلوكية كيف يمكننا أن نفرق بين الأفعال الغريزية والأفعال المكتسبة؟ وكيف نفهم آلية العادة وطبيعة الإرادة وأثرهما على سلوك الإنسان؟ وهل يمكن أن تتفق العادة مع الإرادة؟
I. كيف نفهم العادة كأداة للتكيف برغم آليتها؟
1 ـ كيف نميز بين فعل العادة والغريزة؟
إن الإنسان والحيوان يأتيان بكثير من أنماط السلوك، بعض أنواع هذا السلوك يشتركان فيه، وهناك بعض الأفعال التي يختص بها الإنسان وحده، فإذا لاحظنا مثلا كيف تبني الطيور أعشاشها؟ وهجرة الأسماك من قارة إلى أخرى، ونقر صغار الأفراخ للحبوب، والصراخ والبكاء عند الأطفال الصغار من أجل الطعام وكذا الامتصاص والرضاعة لديهم، هذا من ناحية، وإذا لاحظنا من ناحية أخرى: مواعيد الاستيقاظ عند الإنسان، وطريقة الاغتسال، ونوع الرياضة التي يمارسها، طريقة الكتابة...
لاشك أننا إذا واجهنا أي واحد منا، بالمجموعة الأولى من الأمثلة، سوف يقر ويكتشف مباشرة أنها «أفعال فطرية غريزية ».أما أمثلة المجموعة الثانية: فبرغم استقرارها ورسوخها فينا وتأثيرها علينا فهي تختلف عن الأفعال الفطرية لأنها «أفعال مكتسبة» تصدر إلى حد كبير عن تلك القوة التي يطلق عليها اسم «العادة»، لهذا من الضروري التمييز بين الأفعال الغريزية وأفعال العادة:
الأفعال الغريزية: قوى حيوية في الكائن الحي موجودة كاستعداد أولي يستهدف تحقيق غاية معينة، تتمثل في المحافظة على حياة الكائن الحي وحفظ نوعه وتتميز هذه الأفعال الغريزية بأنها:
لها شكل واحد ثابت متماثل لدى جميع أفراد النوع.
أنها أفعال آلية لا تتغير ولا تتبدل عبر الزمان، أي دائمة.
أنها أفعال فطرية تولد جاهزة مع الكائن، وغير متعلمة من البيئة لأنها وراثية.
ومن هنا اعتبر فرويد الأفعال الغريزية محركات أولية للسلوك،لا يمكن تحليلها إلى أبسط منها لأنها طبيعة أولى.
أفعال العادة
أفعال العادة: هي مجموعة من القدرات والمهارات المتنوعة التي تبرز في أنها أداء منظم وآلي للأمور، وتتميز هذه الأفعال بأنها:
أفعال مكتسبة بالتعلم من البيئة التي يعايشها الإنسان، كطرق التفكير، والعمل.
أفعال تستقر وتثبت وترسخ في سلوكنا بالتكرار الذي تمارسه الذات قصد الاكتساب للعادات الجديدة، كميل من الذات من أجل التحصيل والتعلم، فالعمل إذا تكرر مع وجود الميل أصبح عادة، وكلما كان الميل أقوى كان اكتساب العادة أسرع وأكثر رسوخا وثباتا لهذا قيل: (العادة وليدة التكرار).
أفعال آلية نقوم بها بصورة أوتوماتيكية كنماذج للاستجابة محددة الأشكال والحركات، وكأنه لا وجود فيها للتفكير والانتباه والإرادة، وهذا ما جعل من العادة تشابه أفعال الغريزة في بعض جوانبها، مما دفع أرسطو إلى القول أن العادة طبيعة ثانية. لأن كلاهما سلوك يتميز بالثبات والصلابة والآلية مما يجعل العادة لا تحل محل الغريزة، ولكنها تنوب عنها وتقدم للذات ما لا تقدمه الغريزة.
وعل ضوء هذه المميزات يتحدد مفهوم العادة: حيث عرفها العلماء المحدثون على أنها: ( قدرة مكتسبة على أداء عمل بطريقة آلية مع السرعة والدقة والاقتصاد في الجهد ). أو هي: ( ظاهرة حيوية خاصة، غير مصحوبة بالوعي، تتميز بتكرار الأفعال الناشئة عن الأسباب الخارجية تلقائيا ).
2 ـ العادة نتاج التعلم والاكتساب:
لما كانت العادة ليست سوى تغير ثابت في السلوك ناتج عن الخبرة والممارسة والتدريب، فإن هذا يضعنا أمام أهم عوامل اكتساب العادات:
أ ـ عوامل اكتساب العادة:
عامل التكرار: لأنه من الصعب أن يكتسب الإنسان قدرة أو مهارة من المهارات دون أن يكون للتكرار فيها نصيب، فالتجربة تكشف أن اكتساب العادة يقتضي التكرار بطريقة إرادية أو تلقائية، ولذلك يعتبر أرسطو أن ( العادة بنت التكرار).
العامل العقلي: العادة لا تكون إلا إذا كان العقل حاضرا، ووظائفه العليا من (إدراك وذكاء وتذكر وتخيل) ناضجة ومتوقدة، فالمتعلم إذا لم يكن له إدراك لما يتعلم فلن يتعلم أبدا، والتلميذ إذا لم تكن لديه إحاطة بما يدرس فلن ينجح أبدا.
العامل النفسي: إن أقوى عامل يساعد على التعلم واكتساب العادة الانتباه والاهتمام ، فالاهتمام بالعمل أقوى عوامل الانتباه،كما أن الجهد المبذول برغبة وشوق، يسهل اكتساب العادات، وكلما كان ذلك أقوى، كان الاكتساب أرسخ وبدون العاطفة والميل النفسي يتعذر التعلم.
العامل الاجتماعي: إن كثيرا من عاداتنا نكتسبها بواسطة المجتمع، فنحن نكتسب منه اللغة ونتعود على ذلك، ونكتسب منه العرف والتقاليد وبعض القيم فتصبح عادة راسخة في حياتنا وفي أذهاننا، والمجتمع يدفعنا إلى القيام ببعض الأفعال على نمط واحد كعاداتنا المهنية التي تجعلنا خاضعين في أكثر الأوقات لانضباط محدد.
ب ـ أنواع العادة:في الفلسفة
العادات الحركية: وهي استعداد مكتسب لأداء بعض الحركات والقيام ببعض الأفعال، مثل الكتابة باليد، قياد السيارة، طرق تناول الطعام.
العادات النفسية: وهي استعداد مكتسب يبعث على الإحساس أو التفكير أو الفعل على الصورة التي يحس أو يفكر أو يعمل بها الشخص من قبل، كعادة التفكير التي تساعد على الترتيب والتناسق في الأفكار والتعمق فيها وسرعة توجيهها، أو كعادة الصبر وضبط النفس وكظم الغيظ.
العادات الاجتماعية: وتتمثل في مجموع ما يبرز في الوسط الاجتماعي من عادات وتقاليد، تتفق عليها الجماعة، وتصير نموذجا للانسجام وحفظ النظام فيما بينهم مثل: طرق الاحتفال، طرق الحزن، أنواع الملابس، المأكولات...
3 ـ العادة كأداة في خدمة التكيف:
إن العادة كاستجابة آلية للظروف التي تتطلبها المواقف الحياتية المتعددة سواء تعلق الأمر بصنوف التفكير أو طرق التصرف أو التعبير عن النماذج الخلقية، كلها تبرز الدور الحيوي الذي تلعبه العادات في تحقيق التكيف والتوافق بين الفرد وبيئته الطبيعية والاجتماعية، فبالعادة يكون المرء مستعدا لمواجهة المواقف، والتعامل معها بمهارة وفعالية.
فالعادة تحرر الانتباه والإرادة، وتخفف من ضغط التفكير، وعمل الإدراك، نتيجة الترابط الآلي في أفعالها.
كما تكسبنا إتقان الأعمال والإبداع فيها، لأن التمرس على الشيء وخبر عناصره يمكن الذات من انجازه بأفضل الطرق، وأمهر الأساليب.
كما أن العادة تؤدي إلى الاقتصاد في الجهد والوقت والثقة في النفس والابتعاد عن التردد وهذا يساعد الذات على إبراز مواهبها وإمكاناتها.
كما أن للعادات اتصالا وثيقا بالأخلاق واكتساب الفضائل أو الرذائل، فصفة الأمانة مثلا: من وطن نفسه على سلوك الأمانة، واعتاد عليه، لا يقف مترددا في أحكامه، ولا ينفق جهدا أو عناء في اصطناع سلوكها، أما غيره الذي لم تغرس فيه صفة الأمانة فكثيرا ما تغريه الخيانة... ويستلزم الأمر عندهم جهدا كبيرا من قوة الإرادة وأحكام الإدراك، لالتزام الأمانة، ولهذا يقول جون ديوي: (كل العادات تدفع إلى القيام بأنواع معينة من النشاط، وهي تكون النفس، وهي تحكم قيادة أفكارنا فتحدد ما يظهر منها وما يقوى، وما ينبغي له أن يذهب من النور إلى الظلام).
غير أننا نشير إلى أن العادات إن لم يصحبها الوعي والانتباه ويراجع مسارها من حين إلى آخر فإنها تتحول بمرور الزمن إلى قدرة مستبدة تحكم سيطرتها على الذات ويصبح من الصعب الإفلات منها، ومن وحي هذا القبيل يقول برودوم: « إن جميع الذين تستولي عليهم قوة العادة يصبحون بوجوههم بشرا وبحركات آلات » لأنها تطبع الفكر برتابة وتحجر قاتل، وتمسك السلوك بروتين ممل وتقف عقبة أمام التغير والأفكار الجديدة، وتشجع على التقليد والتعصب للرأي وهذا ما يعيق إرادة الإنسان ويحد من فعاليته. وعليه يمكن أن نستنتج أن للعادة آثارا سلبية،وأخرى إيجابية، ولكن مهما قيل عن آثارها السلبية فإنها مع ذلك تبقى بلا منازع، أداة حيوية للتكيف، شريطة الانتباه للعادات السيئة وتقويمها بتدخل الإرادة، وإحلال عادات حسنة مكانها، لأن العادة ليست سلوكا آليا خالصا، بل تبقى تحت مراقبة الوعي والإرادة.لكن ماذا نقصد بالفعل الإرادي؟ وما هي طبيعته؟